اخر الاخبار

آخر القصائد
آخر الأخبار

الاثنين، 26 أغسطس 2013

غراءات وردة النار والبعد الايروسي للألم :ماجد الحسن



/ماجد الحسن/
لنقرر سلفا ان الانسان كوجود بعدا( ايروسيا) بل ان الماهية الإنسانية( ايروسية) ولان الإنسان في البدء كان وجودا ضعيفا.. لذا ربط ماهيته بالتصاعد الايروسي.. ولكي يفتح طريق الخلاص استبعد الإيمان بماهو( مستقر) وألغى التشبث بإيجاد السعادة النهائية، والمكون الإنساني الأول للخلاص( السؤال) وعن طريقه امتلك سر العالم الخارجي وفتح أفق الإحساس( بفردانيته).
 وطبقا لتسلسل اللذة( التساؤلية) شخص بما يشبه الاعتقاد مصير وبذلك حدد ثلاثية البعد الحضاري( أسطورة- فلسفة- علم) ومن 0 (السؤال) كان شرط خروجه الى عالم( اللااستقرار) ذلك( الألم) وهذا الخروج لم يكن( هروبا من مجمل التجاذب الوجودي: لان الهروب بحد ذاته( انطفاء انطولوجي) بل كان حرية.. والحرية الإنسانية لاتتحق بمعزل عن تلك التجاذبات.. بل هي" فهم الضرورة" كما يقرر( سارتر) والماهية الإنسانية كبعد( ايروسي) موجودة بين قطبين يفرضان سلوكا خاصا على إنسانيته، ولقد أثبتت التجربة ان الكينونة الإنسانية في قطبي( السعادة/ الألم) والذي يجعل الألم ممكنا او يعد إنسانيا خالصا هو ( استقرار) السعادة فالوجود برمته محفوف بالألم ولايمكن الفرار منه.. حتى أصبح" الانسان بعدا الميا" كما يقول( بوذا) ولذلك سأحدد مفهوم( الايروس) لابمعنى اللذة التي تشكل قطب الثنائية مع ( الألم) بل سأجعل منه مفهوما عاما يضم قطبي الثنائية المقررة سلفا. و( الضم) لم يكن وحده في ( الضد) بل( التنوع) من طرف الى أخر باندفاعه الى احد القطبين دون الأخر. فلو كان الانسان في وسط الشد الثنائي لتحتم عليه الاستمرار في نقطة واحدة( مراوحة) دون ان يكون هناك تصاعد حركي.. أي بمعنى آخر ان يعزز كينونته في وحدة( السعادة/ الألم) لذلك سألغي الكوميتو القائل" ان الانسان في وحدة الأضداد" بل الانسان في وحده( التنوع) وهو الانتقال من طرف الى آخر والوحدة في الضد عملية استقراء نهائي.. أما الوحدة في التنوع فهي تصاعد في المدرج الوجودي وفي وحدة الضد تكمن السعادة.. أما في وحدة التنوع يكون( الألم)... لذلك جاءت مجموعة ماجد البلداوي الشعرية( اغراءات وردة النار) وهي المرحلة الانتقالية الأولى للشاعر بعد ان حدد ملامح تجربته في مجموعته الأولى شجر الحكمة/1988 والذي كان التأسيس في بعض مفاصلها ذو صفة( عائمة)، ضبابية.. تبهج ولكنها لاتدرك إلا انه في مجموعته الجديدة خرج جاهدا من أسرار طفولته الشعرية أي مرحلة تحديد الملامح العامة لتلك التجربة، لذلك حصلت صفة التنوع في تناسل الأضداد، او اتساع الانساق المضمونية فيها. فالبلداوي ينطلق من حدود تجربته الذاتية التي تصرخ في فضاء العذاب والألم المستمر الى تجربة الوجود كله، بخطوط متفاوته اخرج الحياة فيها فحوت تلك الخطوط أبعاده التاريخية ومصيره في مجمل( الوقائع) الحياتية والمفترضة أخرجها بعنف الفكرة التي لاترد واهتزازات الألم، لذا نرى في نصوصه أهمية التوهج الإنساني في القلق والغربة.. صور حادة، مواجهة.. تقفز في دقائق الحياة دون أقنعة فهي عامدة لكي تجابه إحداث العالم، العالم الذي" امتص ريق الجنة وأسس فيما بعد ممالكه الجاحدة" وتلك المجابهة هي إعلان الشاعر الأول في لهاثه داخل تلك( اللااستقرار) ذلك الألم ذاته.. اللغز الذي لايتسنى لغير الشاعر دخوله مع احتياجنا الدائم لذلك اللغز وتفاوت درجات( الحاجة) هي التي تضعنا وفق درجات: الرؤيا الإنسانية وتعزز إمكانية دخولنا فيه.. جاءت تجربة البلداوي باحتكام الثنائية بفرادته في الطلب الحاد للألم كما رآه مجسدا(كإرادة) وكمعادل موضوعي في هذا الاحتكام اندفع بلذته الى أقصاها لان الكيفيات واضحة في درجة الميل للطرف الآخر في شرط اللذة الفردية رغم انه يدرك لامعقولية مسعاه" خذ ماتشاء.. ودع الرماد يفتش عن شبابه الغائب" ان معرفة الحقيقة هي التي ستحرر الانسان من الألم عند البلداوي وهكذا تبدو الحياة ليست شيئا بل انها حركة متصلة تضم في مكوناتها التغيير والتغيير هو محور الوجود وقاعدته وكل تغيير يصاحبه الألم لذلك تتعاقب الآلام من الولادة الى الموت أي إنها تتعاقب" من الحليب الذي شح في الصدور الى الشاعر الذي يستوحي آخر موتاه ويبد؟ا بمصادقة النحاس" فالشاعر لم يخرج عن حدود الافتراض الذي قررناه" كمدخل" وهي سمة النصوص التي خرجت من رحم( الحرب ــ الحصار) نصوص الفاعلية الإنسانية التي لاتقف عند الحدود المغلقة ولاتنحرف في مسارها تفاديا لتجنب وضعا قد لاينسجم مع خط سيرها ولايمكن لها ان تقف عند نقطة محددة أقرتها تلك الفعالية لذلك أصبحت لذة ماجد البلداوي في اغراءات وردته لذته الكبرى في دخوله الى فلك اللااستقرار عالم الحركة والاضطراب ليصبح معادلا لفعاليته الإنسانية مع احتفاظه بالتوازن الدقيق بين ملكاته الحسية وطروحاته العقلية واللتان تصبان أصلا في مملكة( الروح) ولكي يحتفظ الشاعر بماهيته الحقة لابد ان يحتفظ بمبدأ( التفاعل) بين القطبين باشراق روحي متعال" رغم انه أخطا في ترتيب الظلام لكنه امسك النهار بأصابع لم تتورم بعد




شرت في جريدة العراق الصادرة يوم الجمعة 20/شباط/1998ـــ



0 التعليقات:

إرسال تعليق